الاخبار الرئيسية

هل تتشابه أحداث تونس مع سيناريو انقلاب مصر 2013؟

تاريخ النشر: 2021-07-27 09:00:00
يوم نت -

جاء إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد تجميد عمل برلمان بلاده وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي، بالتزامن مع حشد بالشارع التونسي لتظاهرات 25 تموز/ يوليو 2021 “مجهولة الهوية”، ليثير التساؤل حول تشابه تلك الأحداث مع الانقلاب العسكري في مصر عام 2013.

أولى نقاط التشابه تلك وفق ما رصده مراقبون، كانت حلقة صناعة الفوضى وزيادة حجم الأزمة الاقتصادية والصحية في تونس، وتحشيد الشارع ضد الحكومة والبرلمان، مع إظهارهما بمظهر العجز والفشل.

وهذ يشابه تماما ذات الحالة من التحريض الإعلامي واتهامات الفشل و”الأخونة” ضد الرئيس الراحل محمد مرسي خلال عام حكمه (2012- 2013).

وكتبت الناشطة السياسية سمية الجنايني: “قيس سعيد انقلب على الديمقراطية، بنفس الكلام الذي أشاعوه عن مرسي وكان ذريعة للانقلاب”.

ثاني نقاط التشابه، تتمثل في ظهور دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر في تونس يوم 25 تموز/ يوليو 2021، وهي دعوات مجهولة الهوية، أو ما قيل عنها “تمرد تونس” ضد الحكومة التونسية والبرلمان، في ذكرى عيد الجمهورية التونسية.

وطالبت الدعوة بإسقاط المنظومة الحاكمة، وحل الأحزاب السياسية، واعتقال قياداتها ومحاكمتها، ومحاكمة الفاسدين، مع دعوة الجيش للإمساك بزمام السلطة.

وذلك في تشابه لصيق بما جرى من دعوات للتظاهر في مصر يوم 30 حزيران/ يونيو 2013، والتي طالبت بإقالة الرئيس مرسي، وهي ما سبقها بعدة أشهر ظهور حملة “تمرد” المدعومة من الإمارات وبعض رجال الأعمال و”الدولة العميقة” في مصر.

ثالث نقاط التشابه، تعرض مقرات حركة النهضة التونسية للتخريب والاقتحام من أفراد بزي مدني، تماما كما تعرضت مقرات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة في مصر للاقتحام والحرق والتدمير وقتل بعض أفرادها.
رابع نقاط التشابه كانت تدخل الجيش التونسي في الأحداث وعدم وقوفه على الحياد، إذ منعت قوات الجيش رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي ونائبته سميرة الشواشي من دخول البرلمان.

وهذا يشبه منع الجيش والشرطة للوزراء والمحافظين في حكومة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل؛ من دخول مقار عملهم إثر انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013.

كما قام الجيش التونسي بتطويق مقر البرلمان بالدبابات والمدرعات، وهو ما يماثل دور الجيش المصري في السيطرة على جميع مؤسسات الدولة ومقارها الحيوية إثر انقلاب مصر.

كما تتشابه الحالة التونسية مع الانقلاب المصري في وضع الجيش والشرطة بمواجهة الشعب، إذ قال الرئيس التونسي قيس سعيد إن من يطلق رصاصة واحدة ستجابهه قواتنا المسلحة والأمنية بوابل من الرصاص. وهذا ما حدث في مصر بارتكاب الجيش عشرات من المذابح بحق المصريين الرافضين للانقلاب.

خامس نقاط التشابه، هي منع المتظاهرين التونسيين الرافضين لقرار سعيد من النزول للشارع، وترك التونسيين المؤيدين لقراراته في الميادين. ما يشابه إلى حد كبير ما قام به الجيش المصري عام 2013 بمهاجمة اعتصامات مؤيدي الرئيس مرسي، ومن ذلك فض اعتصام “رابعة”، مع فتح ميدان “التحرير” لأنصار السيسي يوم 30 حزيران/ يونيو 2021.

وقامت قوات الشرطة التونسية بتفريق المتظاهرين الرافضين لقرارات سعيد أمام مقر حركة النهضة في العاصمة تونس، حيث اعتبر المتظاهرون هذه القرارات انقلابا على الحكومة والبرلمان الشرعيين.

واقتحمت قوات الأمن التونسية مقار المحطات الأجنبية، كما فعل الأمن المصري يوم انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، باقتحام الفضائيات المؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين وفضائية الجزيرة.

وكتب المحامي الدولي محمود رفعت إن “اقتحام قوات الأمن في تونس لمكاتب التلفزيونات الأجنبية ومنها الجزيرة؛ تكرار متطابق لما وقع في مصر في 2013”.

وأشار رفعت إلى أن ما أقدم عليه قيس سعيد انقلاب تم تخطيطه وممول من الخارج، بتكرار سيناريو انقلاب مصر 2013.

سادس النقاط هي الدعم الكبير الذي تقدمه فضائيات عربية وخليجية ونشطاء بمواقع التواصل الخليجية لقرارات قيس سعيد والدفاع عنها وشرعنتها، وهو ما يشابه لحد كبير ما قدمه إعلام السعودية والإمارات للسيسي عام 2013.

وبررت فضائيات عربية أحداث تونس، واعتبرت أنها تأتي في إطار صلاحيات الرئيس التونسي وفقا للدستور، فيما نقلت “سكاي نيوز عربية”، ما اعتبرته “فرحة هستيرية بنزول الجيش التونسي إلى الشوارع”، بينما تجاهلت الحديث عن المتظاهرين الرافضين لقرارات سعيد.

وعبر مواقع التواصل بدا دعم إماراتي كبير لقرارات سعيد، وكتب الإماراتي حمد المزروعي، يقول: “كل التوفيق فخامة الرئيس قيس سعيد”.

“كتالوج واحد”

الإعلامي والصحفي المصري المعارض قطب العربي، قال إن “التشابه بدا بصناعة التأزيم وزيادة مظاهر الاحتقان واحتجاجات استهدفت أمورا بعينها، كما حدث في مصر”.

وأضاف في تصريحات صحفية أن “الاحتجاجات التونسية الأحد، ظهرت دعواتها قبل أيام عبر صفحة مجهولة بعدد قليل، ووصل إلى 600 ألف متابع خلال يومين، ما يؤكد أنه شيء مصنوع ومصروف عليه، وخلفه جهة للحشد والنزول في مظاهرات تجاهلت أزمة كورونا”.

وأشار أيضا إلى “حرق مقرات النهضة، مثل حرق مقرات الإخوان، رغم أن النهضة ليست في الحكم وفي البرلمان فقط، ورئيس الدولة والحكومة ليسا منها، وتحميلها مسؤولية الأزمة الاقتصادية غير منطقي”.

ولفت إلى أن هذا يأتي في إطار شن “قيادة الثورة المضادة حربا على النهضة، ضمن الحرب على التيار الإسلامي ووجوده في أي مكان، مثلما حدث ضد الإخوان في مصر”.

وأكد أن “سعيد لوى عنق الدستور كما حدث بانقلابات أخرى، مع وجود فارق في البدايات بأن الجيش لم يعلن انقلاب تونس كما حدث بمصر، لكن سعيد أعلن انقلابه باعتباره القائد الأعلى للجيش”.

وأضاف أنه “جمع قيادات الجيش في مشهد يشبه ما حدث بمصر، عبر تلك الطاولة التي جلس على رأسها قادة الجيش والأمن”، مبينا أنه “استغل الجيش وأدخله في الأزمة كطرف رغم أن الجيش التونسي حافظ على استقلاله منذ الثورة 2011”.

وجزم بأن “الجيش التونسي كان بعيدا عن السياسة، وقلنا إنه جيش مهني لكن ظهوره بالمشهد ثم السيطرة على البرلمان ومنع النواب والغنوشي من دخوله جعله طرفا أصيلا في انقلاب عسكري وليس دستوريا كما ظننا”.

وفي تشابه آخر مع انقلاب مصر وفق العربي، لفت إلى “اقتحام مقر فضائية الجزيرة القطرية”، متوقعا حدوث “اعتقالات على الطريقة المصرية، ومنع القوى السياسية من الاجتماعات والتجمعات الشعبية”.

وختم حديثه بالقول: “كتالوج الانقلابات واحد، وسعيد لا يقدح من رأسه، ولكن هناك قيادة توجهه وتنحصه ويردد ما تقولها، لهذا سنجد الكثير من المظاهر المتشابهة مع انقلاب مصر إن لم يتم دحر هذا الانقلاب في مهده”.

“أزمة وجود”

السياسي المصري المعارض عمرو عادل، قال: “من الضروري أن ندرك أصل الأزمة في الأنظمة العربية، ويبدو بعد موجة الربيع العربي التي انتهت تماما بانقلاب تونس أن الاستبداد أحد أذرعها الرئيسة وليس مركز الأزمة”.

ويضيف عادل، وهو رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري: “أرى أن مركز الأزمة في بنية مؤسسات الدولة وشخصيتها التي أنتجت بعد انتهاء الاحتلال المباشر في القرن الماضي”.

وأوضح في حديث صحفي أنه “تأكد لنا أن بنية المؤسسات وشخصيتها الاعتبارية التي ترسخت عبر ما يقرب من 70 أو 80 عاما؛ ترى عدم استحقاق الشعوب العربية أن تحكم نفسها”.

ولفت إلى أنها “ارتبطت بأشكال متعددة بالمشروع الإمبريالي الرأسمالي الغربي، واعتبرت شعوبها أدوات لتحقيق ذلك، وهو بالتأكيد ليس في مصلحة الشعوب”.

وقال إن “اختلاف أشكال العودة للمربع صفر لا يعني اختلاف هذا التشوه المركزي، فمصر وليبيا وتونس والجزائر وسوريا شهدت أشكال متنوعة للعودة لنقطة البداية، سواء بشكل دموي أو بشكل سلس”.

ويتابع: “نحتاج للتأكد من تلك الحقيقة، وأننا في صراع وجودي وليس سياسيا مع الأنظمة العربية الحاكمة التي لم تعد تخفي وجهها القبيح الاستعماري لشعوبها”.

وجزم بأن “ما حدث في تونس هو طريق آخر لما حدث في مصر وسوريا طبقا للظروف الإقليمية والمحلية لتونس، ولكنه بنفس الروح والهدف، ويبقى الأمل الوحيد في ليبيا التي ستكون في الفترة القادمة محورا لصراع ربما يكون أكثر ضراوة مما نتوقع”.

وختم عادل بالقول: “أعتقد أن النهاية التامة للموجة الأولى للربيع العربي والتي حدثت أمس نحتاج بعدها لنغير أدوات الصراع بعد الإدراك التام كما ذكرت لأصل الأزمة، والتي هي أزمة وجود”.

انقلاب مدني

وعبر مواقع التواصل، أكد متابعون وخبراء أن قرارات سعيد هي بمثابة انقلاب يشابه انقلاب عبد الفتاح السيسي في مصر.

الكاتب التركي محمد دورماز، قال إن ما يحدث في تونس: “نسخة كاملة من الانقلاب العسكري المصري بوجه مدني”.

وأكد الإعلامي المصري أسامة جاويش حالة التشابه تلك، وقال إن “قيس سعيد يقرأ بيانا كتبه عبد الفتاح السيسي”.

وقال العراقي إياد الدليمي: “سعيد على طريق السيسي، انقلاب يقضي على معقل الثورات العربية ومهد ربيعها”.

 

اضف تعقيب